هنالك رأي يقول: إن التقدم في مجتمعنا، يعني، فيما يعنيه، تحرير الإنسان، والإنسان لا يعني الرجل فقط بل المرأة أيضاً، وإنسانيتهما منثورة في كائنين يشكلان في الحقيقة كائناً واحداً.
والسؤال هو كيف يمكن تحطيم منطقة العبودية التي تقبع فيها المرأة، مع الحفاظ على ذاتيتنا، وكياننا؟ خاصة مع ملاحظة أن ما كان صالحاً للقرن الأول الهجري مثلاً لم يعد يتلاءم مع زمن المتغيرات والتحولات.؟
إن طرح السؤال بهذه الصيغة، يعني أن الرجل في مجتمعاتنا قد تحرر، ولله الحمد، وإن الدور الآن هو دور المرأة والبحث عن أفضل السبل لتحريرها.
وهذه المقولة تتنكر لأهم قضية وهي: أن الإنسان في مجتمعاتنا لا يزال يعيش ضمن المنطقة التي وضعها فيها الاحتلال والاستعمار.
هل يكفي أن يكون للرجل سيارة، وتلفزيون، وبيت، حتى يقال إنه قد تحرر؟
إن المشكلة، هي في كلا الطرفين، الرجل والمرأة معاً وأعتقد أن التحرير بشكل عام، لا يعني تغيير الشكل، بل تغيير الجذور.
إن الإنسان في مجتمعاتنا بحاجة إلى الوعي بذاته، والشعور بالمسؤولية، والإيمان بقضاياه، والانطلاق في العمل، والتحرك على مستوى الأمة.
وفي هذا المجال، لا فرق بين الرجل والمرأة.
إلا أن البعض مع الأسف لا يزال يطرح في مسألة تحرير المرأة، نفس المقولة الاستعمارية التي ترى أن تحرير المرأة المسلمة يبدأ من السفور، وشراء آخر موديلات أوروبا… لا أنه يبدأ من الوعي والانطلاقة، وتحمل المسؤوليات الاجتماعية، والمشاركة الحقيقية في كافة المجالات.
من هنا نجد أن كثيراً من بلادنا قد حررت المرأة بهذا المعنى، فماذا كانت النتيجة؟ لقد تحولت تلك البلاد إلى سوق للبغاء وماخور كبير، واستعبدت المرأة أكثر من زمان العباءة، وستر الوجه من المجالات العامة..
بينما لو كان التحرير يبدأ من تحرر الوعي، والشعور، والتكبيل بالأشكال الخاصة، وتحمل المسؤولية، لكان للمرأة، مع حجابها، وكرامتها، وشرفها، دور كبير في تقدم بلادنا..